الإمام الخامنئي يتحدث عن الحالات العرفانية لدى الشهيد المطهري
المرحوم المطهري رضوان الله عليه وإن كان ظاهره قد لا تبدو عليه الرقة واللطافة نظرا لشخصيته الاستدلالية والمنطقية في مواجهة القضايا، ولكن كان يتمتع بباطن رقيق ولطيف للغاية.
أتذكر أنه في حدود عام ١٩٥٤ م كان يقول: «إني أودّ أن تسنح لي فرصة فأدع الأعمال الجامعية والدراسية جانباً وأذهب إلى قم لأصل إلى لقاء الله»؛ على حدّ قوله وتعبيره.
وكان يقصد بذلك أن يزاول عمله الفكري والثقافي هناك وإلى جانبه يفرّغ لنفسه أوقاتاً للعبادة والرياضة والتوجه الى الله؛ هكذا كانت شخصيته.
فكان رقيقاً وظريفاً للغاية، وكان شديد التأثر بالحالات العرفانية والنزعات الروحانية؛ كان يأنس بديوان حافظ الشيرازي والأشعار العرفانية.
وكذا كان شديد الأنس بالقران الكريم؛ أتصور أن من عادته الدائمة أنه كان لا ينام حتى يقرأ شيئاً من القران الكريم. وقد رأيت ذلك بنفسي في بعض أسفاره إلى مشهد او إلى فريمان (مسقط رأسه). فكنا نبيت معاً فأرى منه أنه لا ينام أبداً حتى يقرأ من القرآن.
كان من أهل التهجد؛ فكان يصلي صلاة الليل بخشوع كامل.
ذات ليلة كان قد بات في منزلنا، فاستيقظت زوجتي نصف الليل من صوت بكاءه. وفي بادئ الامر لم تعرف ما هذا الصوت، ثم انتبهت انه صوت المرحوم المطهري. كان نصف الليل يصلي صلاة الليل مع بكاء ونحيب عال بحيث يسمع صوته في الغرفة المجاورة.
هكذا كانت حالاته.
مقابلة الدكتور حداد عادل مع الإمام الخامنئي بتأريخ ١٣٦٣/٠٢/١٠ شمسي (٢٩ رجب ١٤٠٤ هـ)
الإمام الخامنئي متحدثاً عن الجهاد الفكري للشهيد المطهري
إن يوم المعلم في الجمهورية الإسلامية يوافق ذكرى استشهاد المعلم الكبير المرحوم الشهيد المطهري رضوان الله تعالى عليه.
في الشهيد المطهري صفة مميزة، على المعلمين – سواء في الحوزات العلمية أو في الجامعات أو في المدارس – اتخاذها نموذجاً حقيقياً ومثالاً يحتذى به.
فهو طبعاً عالماً مفكراً، كان عالماً حقيقة وفيلسوفاً فقيهاً وملمّاً بالقضايا الفكرية؛ كل هذه الصفات توفرت في هذا الرجل الجليل، لكن الصفة والميزة الهامة جداً أنه كما كان يعمل على إنتاج الفكر كذلك كان يعمل على نشره.
فنشر الفكر يحظى بأهمية بالغةً. وكان هذا الرجل الجليل لم يهدأ له بال ولم يستقر له حال إذ كنا نراه دائم التفكير، وكان هاجسه الدائم أن ينشر الفكر الصحيح والمتقن والعميق بين مخاطبيه، وقد انطلق على مدى أعوام متمادية بجهاد برمجي بالمعنى الحقيقي للكلمة.
كان يقف في وجه الموجات المهاجمة صدراً لصدر متصدّياً لها ومتغلّباً عليها. هذا ولم تختزل المسألة عنده في الموجات الفكرية الشيوعية والشرقية بل كان يقاومها جميعاً الشرقية منها والغربية، شيوعية كانت أم الليبرالية الرائجة في الغرب. ولما يلاحظ الإنسان كتب هذا الرجل الجليل [يلمس ذلك]، طبعاً كنا نلاحظ نشاطاته عن كثب أيضاً. كان يعمل على هداية مخاطبه ويبعث فيه الطمأنينة والهدوء والوثوق في طريق الفكر الصائب. كان الشهيد المطهري مدرك المسؤولية وتكليفيّ النزعة، حقيقةً كان هاجسه التكليف. لم يفتر أبداً عن النشاط؛ كان قد استوعب تراث الماضين وأرفده بما عنده من علم غزير ثم قدّم ذلك كله لمخاطبيه سواء في الدروس التي كان يلقيها في الجامعة وفي البرهة التي كان يذهب إلى الحوزة العلمية في قم لإلقاء دروس الحوزة، أم في كتاباته أو محاضراته التي كان يلقيها خلال لقاءاته الكثيرة والمنوعة في الجامعة مع الطلاب الجامعيين. على أي حال هكذا كان وضعه الفكري والسلوكي وكان ينقل ذلك إلى الجيل التالي. والمهم أنه كان يقرّب ويوجّه جميع القابليات الفكرية والعلمية إلى مستوى احتياجات المجتمع أي كانت أولويات المجتمع هي المعيار لجهوده، فكان يلاحظ الأولويات الفكرية للمجتمع وكان ملمّاً بها وصائباً جداً في تحديدها ثم يعمل على دفع جميع تلك القابليات الفكرية نحو هذه الأولويات.
خطاب الإمام الخامنئي المتلفز بتأريخ ١٤٠٠/٠٢/١٢ شمسي (١٩ رمضان ١٤٤٢ هـ)
اقرؤوا جميع تراثه
✅ لقد قلتها مراراً أنني أرى لزاماً على جميع طلبة الحوزة وجميع أهل المنبر أن يقرؤوا دورة كاملة لتراث الشهيد المطهري.
✅ لا شك أنه لو أحيل إلي التخطيط الدارسي للحوزة العلمية في قم، لألزمت الطالب أن يقرأ كتب الشهيد المطهري ثم يقوم بتلخيصها ويقدّمها كامتحان دراسي.
✍ الإمام الخامنئي
???? الأستاذ الشهيد في كلام القائد، منشورات صدرا، الطبعة الثانية، ص ١٦٣